خيبة أمل إسرائيلية بشأن الطريقة التي تدير بها الولايات المتحدة المفاوضات مع إيران بشأن الملف النووي، وانتقادات لأداء الحكومة: “إسرائيل” بلا استراتيجية.
وجّه رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود أولمرت انتقادات قاسية جديدة إلى رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو، على خلفية سياسته تجاه إيران، فيما كشفت تسريبات صحفية إسرائيلية أن التقدير في المؤسسة الأمنية يفيد أن القرار الأميركي اتُّخذ بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران من دون تغييرٍ جوهري، بحيث ستتم إزالة جزءٍ من العقوبات عن طهران. الأمر الذي سبب خيبة أمل إسرائيلية.
في الموازاة، وجّه خبراء ومعلّقون انتقادات لإداء الحكومة الإسرائيلية في كيفية تعاملها مع الإدارة الأميركية، ودعوا إلى القيام بحوار مهني حقيقي وسرّي مع الولايات المتّحدة من أجل تعزيز السعي الأميركي للوصول إلى اتّفاق أقوى وأطول، وتحصيل مكاسب أمنية وعسكرية لـ “إسرائيل”، فيما ذكرت تقارير أن “إسرائيل” ستطلق جهوداً دبلوماسية مركزة لتحسين الاتفاق الذي ستوقعه إدارة بايدن والقوى العظمى مع إيران بشأن القضية النووية.
أولمرت يهاجم نتنياهو
واصل رئيس حكومة الاحتلال السابق إيهود أولمرت انتقاداته اللاذعة ضدّ رئيس الحكومة الحالية بنيامين نتنياهو، فقال في مقابلة مع القناة 13 إن “إسرائيل” أخرجت نفسها للأسف من موضوع المحادثات في فيينا بين طهران وواشنطن، وهذا خطأ تراجيدي”.
أولمرت أشار إلى أنه حين تحدّت “إسرائيل” الإدارة الأميركية (في عهد أوباما)، أخفت واشنطن تفاصيل الاتفاق مع إيران عن “إسرائيل”، والآن، يبدو أن الأمريكيين “حذرون” بسبب التهديدات اليومية والتصريحات الإستفزازية التي تأتي من “إسرائيل”.
ولفت أولمرت إلى أن “الاتفاق النووي ساهم بمنع إيران من حيازة قنبلة نووية”، وهذا كان رأي كل الجهات ذات الصلة بالموضوع في إسرائيل”.
وتطرق أولمرت إلى موقف الرئيس الأميركي الجديد، جو بايدن، من “إسرائيل”، فرأى أنه داعم كبير لها، وأضاف أنه يعرف “كيفية اتخاذ خطوات صارمة”. أولمرت أعلن أنه “يثق ببايدن أكثر بكثير من التحمس المتعجرف والإستفزازي في التصريحات التي تأتي من القدس (المحتلة)”.
خيبة أمل إسرائيلية من الإدارة الأميركية
ذكر معلق الشؤون العسكرية في موقع “يديعوت أحرونوت” رون بن يشابي، ما قال إنه “بعض تفاصيل ما يدور داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية”.
ونقل يشاي عن مصدر حضر اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، يوم الأحد الماضي، قوله إن “الوزراء قلقون من أن واشنطن تريد صفقة إيرانية بأي ثمن، والإيرانيون يعرفون ذلك”. المصدر نفسه أضاف أن “الأميركيين يتنازلون أكثر مما يطلبه الإيرانيون الذين يعرفون أن الاتفاق سيُوقّع مهما حدث، لذلك يبذلون قصارى جهدهم لتحقيق أقصى قدر من المكاسب”.
وبحسب بن يشاي، فإن التقدير في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو أن القرار الأميركي قد اتُّخذ: “عودة إلى إطار الاتفاق النووي مع إيران. في المرحلة الأولى – اتفاق مرحلي تتم فيه إزالة جزءٍ من العقوبات دون تغييرٍ جوهري في الاتفاق النووي السابق”.
التقارير الإعلامية الإسرائيلية كشفت أن من المعلومات التي سُربت من داخل جلسة الكابينت، تبين أنه يوجد خيبة أمل إسرائيلية بشأن الطريقة التي تدير بها الولايات المتحدة المفاوضات مع إيران. إذ يعتقدون في “إسرائيل” أنهم يقتربون من الوصول إلى طريقٍ مسدود مع الأميركيين في القدرة على التأثير على عودتهم إلى إطار الاتفاق النووي بالشروط التي تطلبها “إسرائيل”.
هجوم ديبلوماسي إسرائيلي
وأشار بن يشاي إلى أن “إسرائيل” ستطلق، “وفقاً لقرارات أعلى مستوى سياسي – أمني”، جهوداً دبلوماسية مركزة لتحسين الاتفاق الذي ستوقعه إدارة بايدن والقوى العظمى مع الإيرانيين بشأن القضية النووية.
فالتقديرات في “إسرائيل”، تشير بحسب يشاي إلى أنه لن يكون من الممكن منع التوقيع على الاتفاق الذي بموجبه سترفع الولايات المتحدة معظم العقوبات الشديدة المفروضة حالياً على إيران، في غضون أسبوع أو أسبوعين. لكن من الممكن بالتأكيد “مساعدة” الولايات المتحدة على تجنب الأخطاء الجسيمة التي ستسمح لإيران بأن تصبح دولة على عتبة النووي” في غضون سنوات قليلة بموافقة المجتمع الدولي. ولتحقيق هذه الغاية، يُتوقّع القيام بـ”هجوم دبلوماسي، عسكري وسياسي خاطف في واشنطن”.
وفي سياق ذي صلة، كُشف في “إسرائيل” أنه يوجد اتفاق بين جميع الأطراف ذات الصلة بضرورة الاستجابة لطلب الأميركيين بعدم القيام بعمليات من شأنها عرقلة المفاوضات (الحرب البحرية وتفجير نطنز)، وذلك بعد أن تم نقل رسائل عبر عدة قنوات أمنية من الإدارة الحالية في واشنطن، يطلب فيها من “إسرائيل” ممارسة “أقصى درجات ضبط النفس” طالما أن أمنها ليس في خطر حقيقي.
“إسرائيل” من دون استراتيجية
الانتقادات لإداء الحكومة الإسرائيلية صدرت أيضاً عن خبراء كبار في “إسرائيل”، فرئيس معهد أبحاث الأمن القومي، الواء احتياط عاموس يادلين، (رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي – أمان سابقاً) طرح تساؤلات “ما إذا كانت الاستراتيجيّة الإسرائيليّة في التعامل مع إيران لا تزال مناسبة للبيئة الجديدة التي تبدو فيه واشنطن مصرّة على العودة إلى الاتّفاق النووي مع إيران، من أجل إعادتها إلى ما يسمّونه [العودة إلى الصندوق] والتوقف عن التقدّم ببرنامجها النووي”.
يدلين أشار في مقابلة مع “القناة 12″، إلى أن الإستراتيجية الإسرائيلية لم يجرِ تحديثها رغم حصول 3 تطورات مهمة جداً:
– إدارة بايدن قررت أنها ستعود إلى الإتفاق.
– الحرب السرية بين “إسرائيل” وإيران تخرج أحيانأً إلى العلنية، ويمكن أن تتصاعد.
– إيران توقفت عن الخوف منذ مغادرة ترامب، وهي تشعر أن الضغط الذي مارسه ترامب عليها، ستمارسه الآن على واشنطن.
وحذّر يدلين من أنه لا توجد استراتيجية في “إسرائيل”، ولفت إلى أنه لو لم يُجبر نتنياهو على عقد اجتماع الكابينت، لاستمر الوضع بلا استراتجية. ونبه يدلين إلى أنه في حال اعتقد أحد في “إسرائيل” (في إشارة إلى نتنياهو) بأنه يستطيع في العام 2021 الذهاب إلى الكونغرس الأميركي وإلقاء خطاب، “لدي مفاجأة له، لن تتم دعوته”.
يدلين انتقد “العمليّة في نطنز” لأنها تبثّ الكثير من الشحن في العلاقات بين “إسرائيل” وبين الولايات المتّحدة الأميركية، ودعا إلى القيام بحوار مهني حقيقي وسري مع الولايات المتّحدة من أجل تعزيز السعي الأميركي للوصول إلى اتّفاق أقوى وأطول.
وأشار يدلين إلى أن “إيران – ولخيبة أمل رئيس الحكومة – قريبة اليوم أكثر من النووي مما كانت عليه في أيار من العام 2018 حين انسحب ترامب من الاتفاق”.
بدوره، أشار رئيس الهيئة السياسية الأمنية في وزارة الأمن سابقاً، اللواء احتياط عاموس غلعاد، إلى أن التهديد الإيراني “صعب جداً”. غلعام قال إن “الولايات المتحدة مهتمة بتجميد المشكلة الإيرانية ومصممة على منع إيران من الوصول إلى السلاح النووي”، وذلك عبر اتفاق لا تستطيع “إسرائيل” منعه، إلا أنها تستطيع القيام بـ”مقاصة المخاطر”، فتضيف لنفسها قدرات أمنية من خلال حوار سري، على أساس استخبارات شفافة وحوار حقيقي، أما إذا قررت الاصطدام مع واشنطن، فـ”ستصبح في النهاية وحدها مقابل كل العالم”.
إذ ليس لـ”إسرائيل” وفق غلعاد إمكانية للتصادم مع الولايات المتحدة التي هي “عمود أساس في الأمن القومي (الإسرائيلي)”. غلعاد لفت إلى أنه في حال تمّ التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران، البرنامج النووي سيتجمّد، وستتمكن “إسرائيل” من “التفرّغ للاهتمام بالتهديد الإقليمي لإيران”.